الفرق بيننا و بينهم 1 : أزمة أخلاق~مهدي يعقوب~

هممم نحن شعب يرى السوء كثيرا ، و في كل الأشياء ، و لأن الحلقات القادمة مليئة بما لا يسر مسيري هذا الشعب ، حتى و إن كنت متأكدا أن لا أحد منهم يتسوق لي !

image

و لكن ، اللذة عندي أن يقرأه العامة ! هذا وحده كفيل بإدخال الرعب في نفوس المفسدين ، سأتكلم اليوم عن الفرق بيننا و بينهم ، نعم ، الفرق بين الشعبين ! بيننا نحن المسلمين و بين الكفار بهذا الدين ! و الحقيقة أننا كأفراد ، ورثنا عن أحد ما في هذه المجرة المأهولة بنسل العرب ، أن العيب كل العيب في الآخر و لا يمكن البتة أن يكون فينا ، و لا أدري من أين أتينا بهذي القناعة التي تنخر أخلاقنا كما ينخر السوس العظم !
بالأمس مرت صديقة بمحل بقالة ، و رمقت شخصا عجوزا ، أتى بأنبوبة غاز ، ليملأها ، و بعد أن تم له ذلك ، طلب من أحد الشباب الذين يقطنون نفس الزقاق ، مساعدته في حملها إلى منزله ، فما كان من الشاب إلا أن أجاب : أنا لا أساعد أمي في حملها ، أفأساعدك أنت ؟ !!! وجه هذا الشاب يستحق فعلا ـ تصرفيقة فاعلة تاركة ـ !
إني أتذكر ، و حينما كنا صغارا ، في فترة الثمانينات الفريدة ، كنا نتسابق فيما بيننا نحن صغارا و شبابا على الظفر بشرف حمل ـ وصلة ـ الخبز إلى فرن الدرب من أجل إنضاجه ، و كان المحظوظ ، يكفيه من الشكر ، أن تقول له السيدة : الله يرحم من رباك يا وليدي ! ياه ! ما أجمل هذه الجملة ! نحس معها كنا ، أننا قدمنا شيئا جليلا لهذه السيدة ، و لآبائنا أن ظفرنا لهم بدعوة من عجوز ! كنا نتسابق من أجل مساعدة أهل الدرب ، و كان عيبا في قواميسنا أن يحمل الشيبان الأثقال ، فلماذا نحن في الشارع موجودون إذا هم حملوها ؟

… يحدث كثيرا أن أستقل الحافلة ، فقط من أجل الظفر بشيء أكتب عنه ، و لا أذكر أني في يوم خرجت منها بخفي حنين ! دائما أخرج مملوء جيوب القلم ! الحافلات المغربية ، مجتمع مغربي مصغر بامتياز ! آخر مرة صعدت فيها الحافلة ، شاهدت امرأة يظهر عليها أثر الحكمة ، و هي تضرب الباب الخلفي للحافلة ، من أجل أن يتوقف السائق ، بدون محطة ، و وسط الطريق حيث هذا التلوث السمعي الكبير الذي نُتحف به كل صباح ، لماذا ؟ من أجل أن تنزل هي ! في الحافلة ، يخرج المجتمع المغربي كل مكبوتاته ، من سب و شتم ، و ألفاظ قبيحة ، أما التحرش الجنسي ، فحدث و لا حرج ، هناك عينات في هذا المجتمع ، الذي يستقل الحافلة فقط من أجل الصاق نفسه بالفتيات !
في الحافلة المغربية ، يجوز ، بل القاعدة فيها ، أن ترى عجائزا يقفون في الزحام ، بينما شباب في عمر الزهور يجلسون على المقاعد ، و من أجل أن لا يحس بعقاب الضمير ، يفتعل أنه ينام ، و كأنه لم يره !

رباه ، شوارعنا أضحت مراحيضا و نحن لا ندري ، مذ اندحرت أخلاقنا ! و الحق أن شوارعنا مرآة لنا ، تعرينا ، للآخر الآتي من المجرة الأخرى الموازية ، و نحن لا نشعر ! إن المتجول في شوارعنا اليوم ، ليسمع من الشتائم و السباب ، ما يتورع كفار قريش عن ذكره ، و الجريان على لسانه ! أصبح عاديا أن نسمع الشتيمة بالأم و الأب ، أن نشتم الآخر بعضو أمه التناسلي ، و نصف أباه بالشذوذ ! أصبح عاديا جدا ، أن نسمع الرب يسب في الشوارع ، و الدين يلعن ! أشياء مقيتة ، ما عهدتها شخصيا حينما كنت صغيرا ، أنا الذي أتذكر أني دخلت يوما إلى المنزل شبه باكيا ، لأنني سمعت الدين يسب ! ما هذا العفن الذي فيه أصبحنا نعيش ؟
يا قوم ! كم أثنى الله على خلق ، في أحمد أصدق من صدق ! أكرم من ربي خلق قال :
إن أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا ، الموطئين أكنافا ، الذين يألفون و يؤلفون !
على الهامش !
عند الكفار بهذا الدين ، في المجرة الموازية ، يربون أبناءهم على تحمل المسؤولية منذ نعومة أظفارهم ، يربونهم على حب الغير ، و مساعدته ، باعتبار الآخر أيضا عضوا في مجتمعهم الكافر ! كفار هم نعم ، و لكن أخذوا منا أخلاقنا ! أخلاق الإسلام الحقيقي ! في المجرة الموازية ، يربى الأطفال على حب التعاون ! على تقديم الخدمة لمجتمعه ، باعتباره مجتمعا متماسكا ، يسود التعاون فيه و العدل ، كما يسود ريح الطيب مكانا ، لا تمنعه علبته من الإنتشار ! في المجرة الموازية ، يذهبون إلى المستشفيات ، و يقدمون العون للناس ، يأخذون بأيدي العجائز في الشارع ، و يبتسمون في وجه كل الناس ! هناك ، حينما كنت في المجرة الموازية ، يندر جدا أن أصعد إلى الميترو أو الحافلة ، و ألقي التحية ، و لا يجيبني أحد ، و لو بابتسامة ! هنا في مجراتنا ، تلقي السلام عليه ، فيُنظر إليك بارتياب ، و كأنك عنوة تروم إفراغ جيوبه ! هناك في المجرة الموازية ، الأسبقية في الصعود و الجلوس في الميترو و الحافلة للشيبان ، و النساء الحوامل ، ثم النساء عامة ، ثم بعد ذلك يأتي دور الرجال إذا وجدت مقاعد ! و إذا صعد من محطة تالية ذوو الأسبقية ، يقوم الرجال من مقاعدهم ، و يوثرون الآخر على أنفسهم ! في الحافلات الأوروبية ، لا يوجد تحرش ! بعضهم ، يتجنب ذلك خوفا من القوانين الصارمة ، و البعض الكثير ، يتجنب ذلك ، ليس لأنه لا شهوة لديه ، و لكن احتراما لنفسه أولا و لمجتمعه ثانيا !
هناك في المجرة الموازية لم أسمع لمدة ١٠ سنوات متتاليات سبابا واحدا في الشارع بالأم و الأب ! شوارع نظيفة ، الأزبال فيها نادرة جدا ، لا يمكن أن ترى ألمانيا مثلا يرمي بأزباله من النافذة إلى الشارع مباشرة ، شوارع نظيفة ، ليس فيها تلوث سمعي ! هناك في المجرات الموازية ، أخذوا من ديننا أخلاقه ، و أخذنا منهم عفنهم ! فبيست الكيلة ! بيست الكيلة ، بيست الكيلة !
على الهامش أيضا …
لا يؤمن أحدكم ، حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه
صلى الله على سيدي !
طيب الله صباحكم !

قصة من وحي الواقع(2) ~ تليتماس سعو ~

لا زِلتُ أذكر اليوم الذي آستيقظتُ فيه على صوتِ صُراخ أُمي. كُنتُ أظن أنني أحلُم، لكن سُرعان ما آكتشفتُ أنه بالفعل صوت أُمي في الواقع. حينها، قُمتُ من فراشي و آتجهتُ مُسرعة صوبَ غُرفتها..وجدتُها مُستلقية على الأرض واضعة يدها اليُمنى على صدرها و هي تنتحبُ من شدة الألم. تصرُخُ و تتأوه..لم أدرِ ما العمل، فسِنِّي آنذاك كان لا يتعدى عشر سنوات. يومها أبي لم يكُن بالمنزل و إخوتي كلهم كانوا بالمدرسة…دنوتُ منها وقبلتُها..سألتُ عن ما يُؤلمُها فطلبت مني أن أذهب إلى جارتنا و أُحضرها.
.بالفعل، ذهبتُ دون تأخير إلى بيتِ جارتنا ، طرقتُ الباب تلاث مرات، لكن لم أتلقى أي رد..أُصِبتُ بفزع شديد و خوفٍ رهيب و أنا أُفكر في ما قد يحدُثُ لأُمي إن لم يأتِ أحدُهم لنجدتها..قررتُ أن أعود للبيت. قبل إغلاقي للباب، سمعتُ صوتَ أحدهم يُناديني.. حياة!حياة!..و ما إن أدرتُ وجهي ، إذ بي أُفاجأُ بجارتنا..ركضتُ إليها، و أخذتُها من يدِها و أنا أردِّدُ:أمي مريضةٌ جدا و تحتاجُ مُساعدتك..
بخُطى مُسرعة، دخلنا المنزِل و توجهما إلى غُرفة أُمي..أخذت جارتُنا أمي من يدها و وضعتها في السرير. إتصلت بالإسعاف و طلبت منهم الحضور في أقرب وقت..بعد نصف ساعة من الإنتظار، حضرت المُساعدة و تم نقلُ أُمي للمُستشفى، أما أنا فقد رافقتُ جارتنا في سيارتها…
image

بعد بلوغنا المُستشفى، تم إبلاغُنا أن الأطباء يُعاينون أمي..جلسنا في قاعة الإنتظار المُكتظة بالناس بمختلف الأطياف الُعمرية.
بعد ساعتن من الزمن، خرجت ممرضة برُفقة أمي..طلبت منا أخذها للمنزل كي ترتاح و إعادتها اليوم التالي

اوصيكم بالنساء خيرا~ ياسين التازي~

image

كان بودي ان اكتب لها منذ زمان ,, لآنى حاس انها تعيش على ابيات شعر نزار قبانى ( نهار انثى , اتيت الى الدنيا وجدت قرار اعدامى ولم ارى باب محكمتى ولم ارى وجه حكامى ) ,,
عقارب هذه الساعة ,, كحوت أسود الشفتين يبلعني ,, عقاربها كثعبان على الحائط ,, كمقصلة . كمشنقة ,, كسكين تمزقني ,, كلص مسرع الخطوات ,, يتبعني .. ويتبعني ,, لماذا لا أحطمها ,, وكل دقيقة فيها تحطمني ,, أنا امرأة بداخلها ,, توقف نابض الزمن ,, فلا نوار أعرفه ,, ولا نيسان يعرفني ,,
عن الانثى المغربية والعربية اتحدث ,,
هل حصلت المرأة على حقوقها فعليا وهل قوانين الاحوال الشخصية ف الدول العربية المستمدة من الشريعة ,, هل ترضيها ام انها قوانين مستبدة ,, فى المسيحية تتساوى المرأة بالرجل ف الحقوق ,, وتم تكريمها فى صورة السيدة مريم العذراء التى تكرم كل يوم ,, وفى الاسلام اوصى بها ثلاث مرات قال امك ثم امك ثم امك ثم ابوك ,,
لكن السؤال هل انصف المجتمع المغربي والعربى المرأة ,, طيب لو كنا انصفناها ,, لماذا نتحرش بها لماذا نستغل فقرها لاهانتها ,, لماذا نستغل حاجتها وضعفها لنقسو عليها ,, للعلم قوانين الاحوال الشخصية فى جميع الدول العربية سيئه جدا ولا تعطى المرأة حقوقها برغم ما كتب فى حقها ,, الام مدرسة إذ اعددتها أعددت شعب طيب الاعراق ,, بمعن ان المرأه هى اساس بناء المجتمعات وليست كما يعتقد البعض على الهامش ,,
اوصيكم بالنساء خيرا فهم رياحين لنا ,, ونحن الرجال انوف لا تشم ,,
الرحمه والعفو و المغفره لامى السيده الفاضلة ( عائشة ) ,, كانت استاذة فى تربيتنا وتعليمنا فى الزمن الجميل ,, وليس زمن ال sms ,
هل حصلت المرأة على حقوقها ,, ام لا زالت منتظرة على قارعة الطريق ,, حتى فى ظل الخلع والشقة من حق الزوجة ,, والحضانة والنفقة والمتعه ,, ربما يوجد ثغرة ف القانون تحميها من بطش بعض الاغبياء المتحرشين بها ,, او منعها من استخراج رخصة قيادة ,, طيب لماذا ندرس الفقة المقارن ونستخدمه ف قوانينا لماذا نغفل ,, بعض قوانينه التى تمنح المرأة الحرية ( حرية الاختيار ) ,, انا اكتب عن الانثى لانها امى واختى و بنتى وزوجتى ,, واشياء كثيرة فى حياتنا يجب الا ننكرها ,,

تحياتى

حييت من جديد (8)~ فاطمة الزهراء خولالي ~

كان كالس فالبيرو ديالو خدام ، تادخلات عليه اسماء الكاتبة ديالو اللي رغباتو جيهان باش مايجريش عليها
أسماء : سي أمين وصلاتك هاد الدعوة من المحكمة
image

أمين : اري نشوف
حلها و لقاها دعوة ديال الطلاق وتاصل بالمحامي ديالو باش يفضي هادشي حيت جيهان ضغطات عليه هاد الايام وبغا يتفك من صداعها،،
سارة كانت كالسة فالدار وحاطة بيسي قدامها و كتقلب فيه على خدمة ، كانت كتسيفط ل كل شركة بانتليها المهم هو تلاها وتخرج من الروتين القاتل هدا حالها منين رجعات من السفر
جاها اتصال من لينا اللي كانت فخدمتها
لينا : الو
سارة : وي لينا ، اش تم ؟
لينا : سارة انا غانسافر غدا لدارنا
سارة : ياك لباس ، منين طاح عليك هاد السفر فجأة ؟
لينا : ماما عيانة شوية خاصني نمشي نشوفها
سارة : اه الله يشافيها مسكينة
لينا : عفاك جمعيليا حوايجي ، باش غير نجي نشد الطريق بحرا نوصل بكري
سارة : اوكي حبيبة ،
لينا : يلاه بسلامةً
جمعات ليها حوايجها و بقات كتفكر كيفاش غادوز هاد الويكاند بوحدها
ماعندها فين تمشي ،، عندها غير ختها فكندا مزوجة و واليديها ميتين
داز الويكاند بالزربة .. ووصل نهار الاثنين ورجعو لنفس الروتين
كانت سارة كالسة كتقرا فواحد المجلة حتى صونا ليها التليفون
المحامي : الو ، مدام سارة
سارة : وي سي بنجلون ، كيف داير سافا؟
المحامي : سافا الحمد لله ، عيطت نقوليك باللي المحامي ديال راجلك تاصل بيا هاد الصباح
سارة : ايوة ؟
المحامي : بما أن راجلك موافق على الطلاق و نتي متنازلة على حقوقك ، فكرنا نديرو طلاق اتفاقي باش نسرعو الاجراءات
سارة : اللي شفتيها فمصلاحتي ديرها
المحامي : المهم ضروري دوزي عندي للمكتب هاد العشية
سارة : ان شاء الله ، بسلامة
بقات سارة كاتفكر وحسات بالشمتة ، كيفاش دوزات ايامها مع واحد بحال هذا ، كيفاش قبلاتو يكون شريك حياتها ، حسات بكبرياءها تزعزع ، ماحزناش عليه ، لكن حسات باللي تهرسو فيها بزاف دالحاجات بسباب هاد الانسان الاناني ، اللي مافكرش فيها ، فكر غير فمصلاحتو
يتبع،،

هي أقدار ~كوثر المحمودي~

أن تنقلب حياتك بين ليلة وضحاها وتتحرك المياه من مجراها أمر ليس بالهين وخصوصا إذا جرى تيار الأقدار عكس توقعاتنا فننهار.
أول مرة ستتعرف عليها كانت صدفة؛ بينما هي جالسة تقرأ كتابها في محطة انتظار الحافلة يمر عليها الصغير والكبير,ينظرون إليها نظرة تأملية تعجبية ,تحمل كتابا كأنها تحمل كائنا من عالم مجهول، كأنه قنبلة ذرية أو نووية ستفجر المكان, لكنها لاتبالي فهي منغمسة مستخذية له وعلى حين غرة أتت فتاة ذات قامة هيفاء ,مرتدية عباءة حمراء وعلى رأسها غطاء تفر منه بعض خصلات شعرها السوداء . جلست بمحاذاتها وهي الأخرى كانت تتطلع إلى الكتاب بلهفة وشغف كبير، تتوق لمعرفة مابداخل ورقه الكثير, تختلس النظر إليه كأنها تترقب حدثا من خصاص الباب لكنها سرعان مانهنهت من الوضع ،تمنت لو أنها تملك ذلك الكتاب  بين يديها ولهذا هذه المرة تشجعت ودحرت خجلها جانبا ثم تقدمت فسألتها بحيطة وحذر شديدين عن إمكانيتها في استعارة الكتاب,اندهشت أمل في البداية من طلب الفتاة الغريبة لكنها سرعان ما قابلت الطلب بابتسامة عريضة على محياها ثم أجابت بالقبول؛فأخذتا تتجاذبان أطراف الحديث لقد عرفت أمل ,تلك الفتاة البالغة من العمر الثامنة عشرة خريفا ,هبة التي تملك قلبا يتسع للعالم بأسره , تحترم الكبير وتعطف على الصغير,مجتهدة,جادة,طموحة,خجولة, لقد كانت تتقاسم معها جل الصفات حتى عشق القراءة. تقول أمل:”بالقراءة أعيش تارة طفلة بريئة, وتارة مراهقة طائشة, وتارة أخرى امرأة ناضجة, رزينة.. أعيش جميع الأعمار و أزور كل الأقطار.”  هما معا وطأتا المكان الذي جمع بينهما فرد من أفراده إنها المكتبة .دخلتاها وهما تعبران السجادة الحمراء المخملية متشابكتا الأصابع والإبتسامة لاتفارق ثغرهما.المكان الفسيح ذا المساحة الشاسعة والذي تتوسطه طاولة ضخمة محاطة بكم هائل من الكراسي المطلية باللون الأصفر الذهبي وتلك الرفوف الخشبية التي تحيط بالقاعة مرتبة واحدة تلو الأخرى، منظمة أدهى التنظيم. ياله من  مكان رائع! تاهت فيه كلتاهما مع شتى الكتب بشتى أنواعها, أشكالها, لغاتها, وحتى أحجامها…. كان لها دور في حياتهما .. فهي المكان الذي لطالما ترددتا عليه أكثر من غيره.

الصداقة هي ماجمع بين الاثنتين, العلاقة التي لم تعرف هبة لها طعما؛ طعم الصداقة بحلاوته المحضة ونقاوته البحتة إلا بعد دخول أمل حياتها. أمل التي علمتها كيف يصبح القلبين قلبا واحدا, بنبضة واحدة, ألم واحد وسعادة واحدة , والتي ظنت لفترة أنها لن تقيم علاقة من هذا النوع مع أحد غير نجوم سمائها إنهم كتبها.وهاهما الآن بعد أن وجدت كل واحدة منهما توأم روحها في الأخرى.

في يوم من أيام كانون الثاني الباردة شعرت أمل بألم فظيع يجتاحها من مقدمة رأسها إلى آخر عنقها , عاودها الألم مرات عِدة وكانت تكتفي ببلع بعض الكبسولات التي كانت تفي لتهدئتها إلى أن سقطت ذات مرة من شدة الألم وهي بالمكتبة كعادتها مغمى عليها, ذهبت بها صديقتها نحو أقرب مستشفى.

انتظرت هبة خارج الغرفة بينما كان الطبيب داخلها يتفحَّص أمل؛ قرابة الساعة إلا الربع, لما خرج أومأ برأسه إلى هبة التي اكفهر وجهها وتقطب حاجبيها من شدة الغضب فتبعته متجهة نحو مكتبه . لقد تساءلت كثيرا عما حل بصديقتها وهاهو الطبيب فؤاد يطلعها الخبر , أخبر هبة أن رفيقة دربها خانعة للداء الكمين ؛ هو مصدر ذلك الأنين , إنه الورم الخبيث ؛ السرطان الذي استحوذ على جزء مهم  من المركز العصبي الواقع في جمجمتها. وقع الخبر على قلبها كسهم مارد يخترق الجوزاء والطعنة كانت نجلاء, بعد استرجاع نفَسها الذي قُطع بعد تلقيها الخبر مباشرة إثر الصدمة لقد طارت نفسها شعاعا, قفزت من مكانها سائلة الطبيب فؤاد:<< الحل يادكتور؟؟>> ,

 أجاب:<<إجراء عملية جراحية مستعجلة على مستوى الدماغ وفي أسرع وقت.>>.

 هبة بأسى وحزن:<<وهل هناك من خطر ؟؟>>,

الطبيب بقسوةمأأا:<<احتمال فشل العملية 100/60.>>

بئس الأطباء من هذا  الصنف يتعاملون ببرود يدوسون على المشاعر وهم قعود ،لكن في الأول  والأخير تبقى مجرد نسبة مئوية” توكل على الله وقم بها” هذا كان جواب هبة. ياللمصيبة التي ربما ستدمر العلاقة الوطيدة, لكن هي أقدار فلن يصيبنا الا ماكتب الله لنا ، قدر الله وماشاء فعل. تأهبت أمل للعملية  دون أن تدرك مامصيرها وربما ستلقى حتفها. أطلت عليها هبة بحرقة وهي تخدًّر؛ فأخذ النوم بمعاقد أجفانها حتى أسلمت عيونها للكرى فناما, أسرعت إليها مقعية على أذنابها والشجن يلاحقها, تمُت إليها حتى لاتتركها, أن تقاوم المنية وتتمسك بالحياة قبل أن تسلب منها. داعبت غديرتها السوداء بأنامل واجفة , قبلت جبينها الذي ارفض عرقا . بعد لأي دلف الطبيب ، أبعد هبة التي كانت شبه جثة هامدة ثم ذهب بأمل لغرفة العمليات .كانت تجول أرباض المستشفى كالمختبل, تنتظر كانتظار عقيم تتمنى انجاب طفلة ,أخذت تدعو الله دون  كلل أو ملل, أخذ لسانها يتحرك دون هواد. وبعد انتظار دام ست ساعات أو ربما أكثر بقليل، قاربت خلالهما على التهافت ، فتح باب الغرفة فإذا بالطبيب يخرج منها متجها نحوها مشيرا بسبابته وإبهامه مكونا حلقة فارغة ،قائلا :” لقد كللت العملية بالنجاح , الحمد لله”.

تنفست الصعداء , شكرت الله شكرا كثيرا حامدة إياه .ثم الطبيب الذي أجاب متنزلا :”إن هذا لواجب ستسترجع وعيها في بحر ثلاثة أيام , مامرت به ليس بالهين , إنها في فترة نقاهة”.

Sans titre

أمضت هبة الثلاثة أيام ببكورها وآصالها خاملة أمام توأم روحها , قريحة الفؤاد , دامعة الشؤون إلى أن حل اليوم الثالث أصيله إنه ليوم أغر محجل ؛ استرجعت فيه أمل وعيها, منفثأة , نهضت هبة من غفوتها فوجدت أمل ممسكة بيدها , والإبتسامة تعلو وجهها ,نطقت هبة بصوت يكاد أن لايسمع:”أأأأأأأمل , هل استفقت من الحلم المرعب وأخيرا ؟ أم أنني في حلم جميل وسأستفيق منه قريبا؟ ” , أمل بنبرة حادة , هادئة:” الحلم المرعب انجلى , كانت مجرد أضغاث أحلام”, عانقتها بشدة , الدموع التي لم تذرف منها هبة ولو دمعة واحدة لما كانت أمل خلف الغرفة الحمراء انسكبوا أخاديدا , أخاديدا .. وهي تعانق أمل لحظتها  قالت لها و ماتزال مرتمية على صدرها ممسكة ذراعيها بشدة:”أنت وميض الأمل الذي يلمع في أفق سمائي ,لولاك لما….” قاطعتها :” أن أقدم حياتي ثمنا لفكرة أؤمن بها ,أن أموت شهيدة لأرسم طريق المستقبل لمن بعدي، وأن أبعث الحياة في أمة برمتها , إنها لغاية السعادة في نظري, فيكفيني أن تنشر رسالتي التي مازلت أتحسر عليها , فأن تلبي الأمة التي ننتمي أنا وأنت إليها ؛ أول أمر أنزل على رسولنا ورسولها {عليه أفضل الصلاة والسلام}فذلك يعني بزوغ فجر وليد وعهد جديد, كفانا حسرة الآن , لنضع يدا في يد ونرتقي،  لنحقق النصر والمجد ، ماأصبت به –أنا- كان ورما في دماغي فحسب أما أدمغة الأمة جلها فهي ملوثة  بأخطر داء يمكن أن يصيب العضو الذي ميزنا به تعالى عن المخلوقات إنه الجهل , بالقراءة سننظفها ونرتقي بها ,بالقراءة فقط يمكن ذلك, بالقراءة.” هبة :” صدقت ياعزيزتي , أو هناك خطة عملية ببالك؟؟” أمل بإصرار:” نعم تعالي معي , سأريك شيئا ما…”، ذهبت بها للمكتبة وبمحفظتها جل ما تبقى لها من النقود اشترت عددا من الكتب , فحملتها معها وبمساعدة من الدكتور فؤاد الذي لم يضن بمد يد المساعدة هذا الأخير الذي وان كان حاصلا على شهادة الدكتوراه فانه لم يكن مثقفا حقيقة بل كانت تلك مجرد ورقة خط عليها وانتهى أما بعد دخوله عالم الكتب ؛فقد أصبح طبيبا أروع بكثير مما كان عليه حتى أخلاقيات المهنة التي لم يكن يعرف عنها شيئا والتي لا تدرس للأسف أصبح ملتزما بها. ذهبوا جميعا إلى محطة انتظار الحافلة وبحوزتهم عدد مهم من الكتب, المكان الذي التقت فيه أمل بهبة لأول مرة مازال الناس على سجاياهم , الرعاع والعربدة حينا, الفضول والتطفل حينا آخر.المهمة أصعب بكثير هذه المرة فلن ينظر الناس لكتاب واحد بل أصبحو كتب, سيتمكن كل واحد منهم من  التطلع للكتاب الذي يفضله ويختاره, ستتاح لهم فرصة  القراءةإن  لم يذهبوا للمكتبات فهم من سيخرجونها لهم , أخذ كل من أمل, هبة ,وفؤاد مجموعة  من الكتب وبدؤوا في توزيعها على الناس مع اعطائهم بعض الارشادات ، لما أنهو المهمة جلسوا على المقعد  ذاته الذي  جلست فوقه الصديقتين منذ أزل ،  كانت أمل تتوسط صديقتها وطبيبها ،تنظر للناس وكل واحد منهم مهتم لأمر الكتاب الذي بيده يفتش بين دفتيه عن شيء ما بخجل ، كأنه طائر غريب عن سربه، رويدا رويدا سيعتاد المهم أن الوضع استحال ، قالت هبة وفؤاد في الآن ذاته:”خطوة مهمة، أنهينا المهمة بنجاح” ثم تقدمت امل لتتكلم:”المهمة لم تنتهي بعد , هذه بداية وليست نهاية , عندما نلتقي هناك في الجنة يا غالي وياغالية , هناك في الفردوس العالية , ونلتقي بخير البرية , قائلين لقد بلغنا الرسالة بتلقائية, وأمة إقرأ عادت لتقرأ بعفوية، إنتصرت وأخيرا على الجهل الطاغية.”

النهاية

معجزتي (الجزء الخامس) ~ الجراند ماستر دينا حويت ~

تحديت بروفسور قسم المناظير فقلت له :
-كم هي المدة كي يتم ازالة جهاز قسطرة الرئة؟
– اخبرني خلال ثلاثة الى اربع شهور.
قلت له:
-اممم ثلاث اسابيع الرئة تفرد نفسها ويتم ازالته
قال:
-والله مجنونة أو انك غير واعية بحالتك، نحن الاطباء يتم يوميا متابعة حالتك وفحوصات واشعات شاملة ترسل يوميا إلى مستشفى عالمية في المانيا تتابع حالتك بالتفصيل
قلت:
– لا يهمني بعد ثلاث اسابيع وشوي يتم ازالة الجهاز بصحة وعافية انا اصنع واقعي ليس انت والحياة حلوة…
اصبحت اطبق التمارين الخاصة بالرئة بصوره مكثفة واطبق بروتوكولات التسامح واصنع واقعي الذي اريده واقوم قيام الليل اتحدث فيها مع رب العباد.
وتم ازالة جهاز القسطره للرئة بعد ثلاث اسابيع ونص والاطباء في اندهاش وتعجب
اكتشفوا في اثناء تواجدي ان الغذاء الذي يتم اعطائه لي عن طريق قسطرة الامعاء وكان ١٨٠٠ كالوري باليوم قوي ولا يوجد نتيجة في الشفاء
تم عمل منظار ليبحثوا عن السبب تبين ان انبوب القسطره للمعدة يتواجد في المعدة والمفترض يكون فقط في التجويف الخارجي لها وليس داخلها عليه تم فك خياطة الانابيب وسحب حوالي خمسه متر من طول الانبوب الى الخارج ( غلطة طبية )
بعدها كانت هنالك مباحثات في وضع جهاز مساعد داخل المعدة حتى تلتئم سريعا عن طريق المنظار
عندما اخبروني بكيت كثيرا
وفي صلاتي بالليل اثناء حديثي مع الله

image

كنت اخبره :
– انت تريد كذالك  ربي انا موافقه راح استحمل كمان ستة اسابيع فوق الشهرين والنص عشانك.

يتبع

كبسولة موت…(1)~ عائشة العبيوي ~

تمسكت جوليا بالحياة قبل أن تتبناها وتحمد الله جل ثناؤه على كل نعمة أتيحة لها عندما يشقشق الصباح و تطل الشمس من عليائهاعلى حجرتها الصغيرة المتئكةعلى غرفة أمها الذي إختطفتها الحياة في ظروف غامضة التي ألقت وداعها الأخير على ورقة بيضاء لونتها دموع الحبر الذهبية في ذلك اليوم المسود رغم رأيتها البعيدة المدى لمستقبلها الزاهر الذي توهجت لهفتها من أجل تدبيره ردحا من الزمن ,لكن الماضي ما زال يباغتها و يستبد بمشاعرها الرقيقة ويمتطي قلبها الصغير المسكين ليتسبب لها في إنسياب دموع مالحة وكثيرة من عينها الزرقاوتين حيث يتربص قلم ذهبي بأناملها الضعيفتين لا سيما أنها تأخد ورقة وتكتب كل ما يذروا بخاطرها لكن عندما تكتب تجد عذوبة حلوة و طمأنينة و سكينة ثم يرتحل ذاك الماضي المزعج عن بالها,تتذيل لها أمها بمحاذات تلك الغرفة التي بجانب غرفة جوليا مرتدية وشاحا أبيض منبوش بجملة” تذكريني وسامحيني و لا تنسيني “وبغتة إختفت الأم لكن خفة ظلها ما زالت تجوب أرجاء المنزل و عروشه حيث تفرش جوليا عيونها خلف ذاك الظل حتى إختفى, لملمت جوليا الورقة و الحبر و حفظتهم في وسط الدرج الذي في حجرتها ,ثم يأتي صوت غريب متبوع برشة من الحب و الحنان و يهمس في أذنها الجملة الت كانت على الوشاح وباتت تلك الجملة تتخبط في عقل جوليا لكنها كانت جياشة صعبة الفهم حيث تقوم و تطرح عدة أسئلة زائلة لن يتفوه بالجواب إلا من يعرف ذاك السر المكنون خلف الكبسولة المرمية تحت الأريكة في غرفة أمها

image

يوميات مهاجر إلى بلاد الجرمان (13) ~ مهدي يعقوب~

ألمانيا و البلدان الأوروبين ، و الدول الإسكندنافية ، تحترم كرامة الإنسان ، و توفر له أشياء ، جميلة جدا ، تشعره أنه إنسان كريم يمشي على أرض القانون ، و يعلم أنه إذا داس أحد له على طرف سيجد من يرجع له حقه ، و يعلم أيضا أنه إذا تجاوز حدوده المسموح له بها ، و ارتكب جرما يعاقب عليه القانون سيجد العقاب المناسب مهما كانت طبقته التي ينحدر منها حتى و إن كان رئيس ألمانيا نفسه ! من أجل ذلك كله ، غرقت سلبيات مصلحة الهجرة في بحر مزايا النظام و المجتمع الألماني ! و لا عجب ، فالقرق كبير جدا بين نظام هذه البلاد و بلاده التي منها هو ينحدر ، بلاد لا يزال تطبيق القانون بها مرتبطا بالطبقة التي يأتي منها مقترف الجريمة ، بلاد ، لا تزال الرشوة فيها هي من يحدد سير القضاء و النطق بالحكم فيه ، بلاد ، لا يزال الأشراف فيها يطلقون النار على رجال الشرطة ، و يصفونهم بالذباب و في اليوم الموالي تستخرج للجاني شهادة بمرضه بمتلازمة الكورساكوف النادر ، بلاد ، لا تزال عائلات بعينها تتحكم في اقتصاد البلد ككل ! بلاد ، لا يزال الفقير فيها يموت حسرة و حرقة قبل أن يموت جسدا على أبواب المستشفيات التي تفتقر إلى أدنى شروط الكرامة الحيوانية فقط لأنه لا يملك ثمن الإستشفاء ! بلاد يمكن أن تكون فيها بريئا في الصباح ، و تلفق لك تهمة في المساء ، بلاد ، يسجن فيها العجائز ، لمجرد أنهم انتفضوا ضد نصب طالهم ممن يحسبون على مطبقي القانون هناك! كل ذلك حينما كان يقارنه بما رآه هنا في المانيا ، يجد لفرق كبيرا جدا كالفرق بين السماء و الأرض !
بلاده أضحت منذ استقلالها ضيعة لعائلات بعينها ، و اطفالهم ، و باقي الشعب يجب أن يتصارع مع بعضه البعض من أجل فتات ، يقيه الوقوع في براثن الفقر !
من أجل ذلك كانت بلاده في حاجة ماسة إلى الكثير من الأصباغ و الأرطال من الجير لكي تزين صورتها البشعة التي تخفيها صورة السياحة فيها ! فكان لا بد ، من تزيين الواقع العفن ، بحفنة من الصور يروجها المنظرون هناك لتلك البلد ، و كأن القادم إليها لا يعلم حقيقتها ! فالسياح يعلمون بشكل مباشر أو غير مباشر كل سبليات بلاده ، بل إنهم يلقنونها قبل ركوب الطائرة من أجل الحفاظ على سلامتهم و كرامتهم !
و من أجل ما رأى في ألمانيا ، ما كانت يحتاج نظامها و مسؤولها للتنظير للبلاد ، وما كانوا بحاجة إلى أرطال من الصباغة من أجل تزيين وجهها الجميل أصلا ، لأن القانون هناك يطبق على كل الناس سواسية ، و الصحافة هناك حرة مستقلة ، لا تعرف للحنان سبيلا في ما يخص منتهكي القوانين الألمانية ، و الذين يحسبون نفسهم أكبر من القانون !
مركز شرطة الهجرة ، امتهان فعلا لأنفس المهاجرين ، فإذا كان المهاجرون القانونيون هكذا يعاملون ، فما بالك بالمهاجر السري غير الشرعي ، هكذا تساءل و نفسه ، قبل أن يقطع خيط تفكيره صوت امرأة شابة
ــ نعم سيدي ، كيف يمكنني أن أخدمك ؟
ــ أريد موعدا من أجل إقامتي أرجوك
ــ هل أنت طالب ؟
ــ نعم !
ــ ناولني إذا جوازك ، و ورقة القبول في الجامعة
ــ تفضلي
ــ حسنا ، لدينا مواعيد شاغرة اليوم و بعد غد ، أيهما تختار !
ــ حسنا أفضل اليوم
ــ حسنا ، موعدك بعد ساعة في الطابق الثاني رقم 404
ــ شكرا !
ـ عفوا
ذهب ، و تسلق الدرجات حتى أحيل على ساحة كبيرة ، و كراسي في وسطها ، و ابواب مرسومة على حائطها ، و لوحة إلكترونية تشتد إليها الأنظار ، بحثا عن رقم مفقود ، جلس ، و ارتباكه لا يزال يرافقه ، مرت الدقائق ، و رأى رقمه ، فدخل و حياه الرجل المكلف
ــ أهلا سيد مهدي
ـ أهلا سيدي ، عذرا كيف عرفتم اسمي ، و لما أكلمك بعد
ضحك ضحكة خفيفة ، و رد
ــ أرسلت إلي معلوماتك عبر هذا الجهاز ، و أشار إلى الحاسوب !
ــ عملكم يشبه حرب الجواسيس
ــ إذا ، فكل العالم جواسيس حسب نظريتك ـ
ـ كانت فقط مزحة عابرة
ــ جميل أن تكون معنوياتك مرتفعة ، فأغلب الذين يزوروننا في هذا المبنى يأتون لا يقدرون حتى على النطق من شدة الإرتباك
ــ شيء طبيعي ، فهناك زملاء لك ، يشبهون أشباحا مخيفة ، من فرط التبرم في وجوه الناس !
و الظاهر أن كلامه الأخير لم يرق له ، فقال له
ــ ينقصك وثيقة الضمانة ، يجب على من يضمنك أن يرسل لنا وثيقة ، يوضح لنا فيها ، ما يجب عليه توضيحه
ــ حسنا
ــ المهم ، ستحصل على الإقامة البينية ، و ها هو جوازك ، و فيه كل ما تنتظره
ــ لم أكن أتوقع أن الأمر سهل إلى هذه الدرجة !
ــ أتمنى أن يظل الأمر دائما كذلك بالنسبة لك ، فهناك من يأتي إلى هنا ليذهب إلى المطار مباشرة !
ــ سأعمل على أن لا أمكنكم من فعل ذلك ! مع السلامة
ــ مع السلامة !
خرج ، و كان كل شيء يدور في خلده مشتت ، و أحس بضيق شديد ، كيف كيف يستطيب العيش هنا كيف ، كيف أصبحت بلاده و بلاد المسلمين ، كعكة بين يدي شرذمة من المجرمين ، مصاصي دماء الشعوب ، لماذا ، لا تصبح بلاده و بلاد المسلمين كهذه البلاد ! لماذا يسمح الشعب المستضعف لمثل هؤلاء الحثالة الذين يعيشون بين ظهرانيهم ، بسرقة أموالهم ، و المال العام ! لماذا يقبلون العيش في الحضيض ؟ لماذا لا تصبح كل الشعب الإسلامية كهذه الشعوب الكافرة التي تقطع الطريق على كل من يريد التلاعب بأقواتها ، لماذا يسرقون أموالنا ، و يتفرجون علينا أذلة في بلاد الكفر نستجدي أياما على ورقات الجواز !
سأل نفسه هذه الأسئلة ، و لم يجد لها إجابة ، و قطعت تفكيره دمعة حسرة ! و قصد مسكنه ، و في نيته أن يعجل برحيله إلى مسكنه الجديد ، و أن يحارب حتى أخر رمق ، و أن يثبت وجوده ، و أن يظهر لهؤلاء الكفار ، أنه في مستوى إنسانيته ، و آدميته ، و قبل كل ذلك في مستوى إسلامه …
ركب الميترو ، و نزل محطتين قبل محطته ، و دخل إلى غابة من الغابات المحيطة ، و جلس على كرسي تحت ظل شجرة و دخل في نوبة تفكير أدت به في الأخير إلى شعر رقيق كتبه على ورقة لا يزال بها يحتفظ ، كأول كليمات كتبها في بلاد الجرمان !

image

في غد : امرأة ثمانينية من عصور النازية