خرج باكرا، صباح يوم خميس، كعادته من منزل إستأجره لسنوات، إذ أن غلاء العقارات، وقلة ذات اليد حالت دون ظفره بشقة. رغم أنه كان قد نال حقه من إرث أبيه الحاج المعطي تغمده الله برحمته. لكن بذره هنا وهناك في أمور ثانوية.
توجه، بعد فطوره الدسم بمقهى “البركة” عند سي سلام صديقه الحميم، نحو سيارته ليجد خمسة أساتذة وتاجر ينتظرون أول طاكسي ليقلهم إلى مقر شقائهم. عفوا، إلى مقر عملهم. شرع “الكورطي” في استلام النقود من الركاب…وعند وصول دور التاجر، ناوله هذا الأخير ورقة نقدية من فئة 200 درهم، وكان وقعها كبيرا على نفس الكورطي، فسأل عبد الرزاق:
-اجي منلقاش عند الصرف د 200 درهم؟
-الصباحاتو لله! بقاو تجيبوا الصرف اصاحبي، ويلاه بدينا الخدمة، منين باغيني نجيبلك هاد الصرف؟
استشاط عبد الرزاق غضابا (فكما أخبرتكم سابقا أنه مريض بداء السكري).
حاول الأساتذة التدخل وإنقاذ الموقف قبل أن يتطور للشتم والعراك الفارغ الذي لا طائل منه. قادهم بسيارته المسكينة التي لا حول لها ولا قوة إلا الإستجابة لسياقة عبد الرزاق الغاضبة وكأنه ينتقم من التاجر، فأراه الويلات طوال الطريق بسياقة متهورة كغضبه. ظل طوال الطريق يتمتم ويسب في نفسه…
بعد أن أكمل رحلته الأولى عاد بركاب البادية متوجها للمدينة مرة أخرى…وهو في طريق عودته،توقفت سيارته فجأة ونزل الركاب المتوجهون نحو المدينة ليكملوا رحلتهم إليها…بينما لبث هو ليندب حظه ويرى ما بالسيارة من عطب، اشتعل غضبا لتوقف سيارته فجأة واتصل ب “بوجمعة الميكانيسيان” واتفقا على الثمن في عين المكان.
200 درهم…المناقشة مع التاجر…عطب السيارة…الثمن الباهض لإصلاحها…كل هذه الأحداث كانت كفيلة لإشعال غضبه وتشكيل خميسه الأسود…أظنه صادف اليوم العالمي للغضب.
يوم في الجحيم من “هادي لهادي”، يوم نحس بإمتياز لم يتوقعه عبد الرزاق “الطاكسيستا” كما كان يلقبه صديقه الشمالي “المفضل”. هيجان غضبه دفعه إلى علبة سجائره، الحل السحري لمشاكل يومه، أشعل سجارة كما أشعلت الأحداث غضبه…سجارة تلو الأخرى إلى أن بلغ المنزل. دلف إلى المنزل وهو لم يتخلص بعد من غضبه المفرط والمبالغ فيه…بل أتى إلى النقطة التي ستفيض كأس غضبه…
-ودابا يجي باك ونقولو شنو درتي للأستاذة.
رد عبد الرزاق بدون شعور:
-عاوتاني نتا ماباغيش دير عقلك؟ اجي لهنا هذاك النزق والله لا خليها فيك!
فضربه ضربا مبرحا حتى سمعه جيرانه…لم يتناول وجبة غذائه كالعادة ولم يصل الظهر أيضا. أنهى يومه المشؤوم بالتوجه إلى مستعجلات محمد الخامس لأخذ العلاج لأنه وكما نقول بدارجتنا “طاحليه السكر”
يتبع…
Idriss El Mahdali
25/03/2015
طاقم مدونة الأدب